RSS

دعم المبدعين

19 أفريل

نجحت الجامعات الغربية لأسباب عديدة لا يسع المجال لذكرها في مقالة بل تستوجب بحثا منهجيا للوقوف على أسباب هذا النجاح وعوامله حتى نستفيد منه في تطوير تعليمنا العالي. لكنني سأتطرق إلى ثلاثة عوامل رئيسية تجدها في كل جامعة ناجحة: توفير بيئة صحية للإبداع ، نشر ثقافة الإبداع ، ودعم المبدعين.

وعندما أتحدث عن المبدعين لا أقصد فقط المخترعين وريادي الأعمال ، ولكنني أقصد المفهوم الأشمل للإبداع ، الإبداع في التدريس والتقييم والبحث وخدمة المجتمع ، إبداع الطلاب وأعضاء هيئة التدريس والموظفين ، الإبداع في روح المبادرات الداخلية

Intrapreneurship

عندما نتطرق إلى تطوير تعليمنا العالي ، يدخل النقاش عادة في دوامة بداية التغيير ومن أين نبدأ؟ أنقوم ببناء بيئة داعمة للإبداع أولا؟ أم ننشر ثقافة الإبداع؟ أم ندعم المبدعين؟ أنبدأ بالتعليم العالي أم بالتعليم العام؟

عندما نتحدث عن بيئة الإبداع ، فلا نعني حصرا المباني والأجهزة والمعدات ، فالبيئة بمفهومها الأشمل هي مجموعة الظروف الطبيعية والاجتماعية والثقافية والانسانية والاقتصادية والصناعية التي يعيش فيها الفرد والجماعة ويتفاعلون معها. يتضح صعوبة انشاء بيئة إبداعية شاملة في قطاعات التعليم العالي بمعزل عن المجتمع الخارجي. البيئة تشمل الأنظمة واللوائح وأبواب الميزانيات.

أما الثقافة من البعد المؤسساتي فنعني بها مجموعة القيم والأهداف والتوجهات والرؤية التي تميز مؤسسة عن أخرى ، ولن تنتشر ثقافة الإبداع في مؤسسة تعليم عال إن كان هناك من يغرد خارج السرب ، ولن تتحقق الثقافة المؤسساتية للإبداع إلا إذا كان الإبداع ديدنها وعمودها الفقري من رأسها حتى أخمص قدميها. ولن يتحقق ذلك اعتباطا بل بخطة تسويقية يقوم عليها متخصصون في تسويق الأفكار والثقافات ومتخصصون إعلام في التواصل مع الجمهور. لن تتحقق الثقافة المؤسساتية للإبداع إلا إذا استشف منسوبو المؤسسة أن رأسها يشجع الإبداع ويدعمه. لن تتحقق الثقافة المؤسساتية للإبداع إلا إذا رأى الموظف الجديد أمامه قدوات في الإبداع كلا في مجاله الوظيفي.

فأما دعم المبدعين فهو مربط الفرس وأساس النجاح ، فمتى مازاد عدد المبدعين قاموا هم بخلق بيئة إبداعية ونشر ثقافة الإبداع لأنهم مبدعين ، وبدعمنا سيزدادون إبداعا. لا أحد يشكك أو يقلل من أهمية الدعم المادي ، ولكن الدعم المعنوي بتكريمهم والشد على أيديهم وإنزالهم منازلهم وتسهيل إجراءاتهم وتذليل مصاعبهم  ومن ثم الشد على أيديهم والتربيت على أكتافهم تقديرا لإبداعهم بغض النظر عن محصلة الإبداع وحجم الاختراع.

عندما ندعم المبدعين في الجامعات ونعمل على تأصيل ثقافة الإبداع في جامعاتنا بالقدوة والإعلام والتسويق عندها من الممكن أن تنتقل بيئة الإبداع من داخل أسوار الجامعة إلى خارجها ، فالجامعات لدينا هي جامعة لجميع أطياف المجتمع ، نتميز عن الغرب أن الفقير والغني يجلسان جنبا إلى جنب ، هذا ما أراده ولاة الأمر ، فلنحمد الله على نعمة مجانية التعليم العالي. عندما نخلق ثقافة الإبداع داخل الجامعة سيقوم هؤلاء المبدعون بخلق بيئاتهم الإبداعية داخل الجامعة وخارجها ، عندها سنصل إلى العالمية. عندما نخلق ثقافة الإبداع داخل الجامعة سيتخرج منها المدرسون الذين سيقودون دفة التعليم العام وسيبنون بيئات إبداعية في مدارس التعليم العام.

نعيش هذه الأيام عصورنا الذهبية في التعليم العالي من ناحية الدعم المادي والمعنوي من خادم الحرمين الشريفين ، ولكننا يجب أن نراجع لوائح تعليمنا العالي ونظامه الذي مضى عليه أكثر من عشرين عاما لنحقق رؤية خادم الحرمين حفظه الله لوضع دولتنا بين مصاف الدول العالمية علما وانتاجا.

فلندعم المبدعين ، ولنبدأ بجامعاتنا!

 

1 responses to “دعم المبدعين

  1. ْذَاتَ مَسَاء

    أفريل 27, 2013 at 3:36 م

    أخذ الاسس التي مشى عليها الغرب للوصول للبيئه الابداعيه ليش بالشي الخاطئ
    انا معك دكتور في دعم المبدعين والاشاده بهم وتيسير السبل لهم
    لكن نحن نعيش في جو مظلم لانعلم اين الطريق الصائب
    وعاداتنا وتقاليدنا تغلب على القوانين
    مبدئيا لو امتثلنا للقوانين الموضوعه وطبقناها سنرى اين مكان الضعف وايها يحتاج الى تغيير
    لكن استمرار المسير في ظلام بدون خيوط القوانين والانظمه تلك كارثه
    اسأل الله ان يقينا شرها ويعيننا على مافيه كل خير

    بوركت جهودك ايها الاستاذ الرائع والمعلم القدير

    إعجاب

     

أضف تعليق